لن ننسى ابدا ...ذكراك خالدة
استذكارفي الذكرى
العاشرة لوفاته يرحمه الله
المهندس عبدالرزاق الحمداني
في احداللقاءات الاسبوعية بمقهى الحدباء قبل تاسيس جمعية الخطاطين العراقيين بالموصل سنة 1989 |
التقينا لكني لااذكر
بالضبط يوم اللقاء,تكرر اللقاء أسبوعيا,وفي كل لقاء كان يثير موضوعا يريد للآخرين
من الحضوران يناقشوه أو أن يطلعوا عليه , حينها لم تكن لي به معرفة سابقة ، فلم
يكن من جيلي ، ولا سكنت في منطقة سكناه , ماعملت معه في موقع عمل يجمعنا , ولم أكن
من منتسبي المديرية العامة للتربية في نينوى كي أكون من معارفه ولو وظيفيا.
كان كتابه ( يوسف ذنون...مدرسة
الإبداع في الخط العربي)هو الذي
عرفني إليه أولا, سألني ؟.....جعلني أتحدث معه احد الأيام عن طبيعة المعلومات
المدونة في الكتاب وطريقة الإملاء والعرض , كان يدافع عن معلومات اعتبرتها في
حديثي معه سردية , لاتليق بكنه الموضوع ولا بحيثية الكتاب , ومرت الأيام وازدادت
بمرورها العلاقة متانة وقوة , ألفة ومحبة , كانت دعوته للعشاء لجمع غفير من
الخطاطين في بيته احتفاء واحتفالا بمناسبة نيل الزميل عباس الطائي الإجازة في الخط
العربي العام 1987 من أستاذه الخطاط يوسف ذنون , الحدث الأكبر الذي قربه من نفسي ,
واستمرت اللقاءات سنوات وسنوات...في عدد من المقاهي و الكازينوهات , وان كان تخلفي
عن حضور بعض الاجتماعات بسبب الأشغال الوظيفية وما يتبعها وما قد يرافقها من أحداث
وملمات ، وتمر الأيام........
. العام 1989 وبعد تأسيس جمعية الخطاطين العراقيين/ فرع نينوى - الموصل, كان
احد الداعين والمتابعين بقوة لتأسيسها , مواظبا على حضور الاجتماعات الأسبوعية
والندوات والمواسم الثقافية للجمعية بل وحتى عريف الحفل والمقدم لبرامج
معظمها.......
لم يكن خطاطا ....لكنه من
المغرمين... من عشاق الحرف والخط العربي...بنشاطه المعهود كان أكثر من خطاط
متفاعلا ومندمجا مع مسيرة الخط العربي والخطاطين في المدينة ومع نشاطاتهم
وتطلعاتهم الفنية والثقافية , برز ذلك جليا وبدا واضحا من خلال البحوث والدراسات
والمقالات والكتب التي قدمها وألفها وكتبها ونشرها عن هذا الفن العظيم ورجالاته
الأخيار, بأعماله هذه كان ضمن قلة قليلة من الناشطين الذين كتبوا في هذا الموضوع
وحيثياته من مثقفي الموصل ومؤرخيها وأدبائها وفنانيها وخطاطيها.
آخر الندوات التي رأيته
فيها كانت ندوة (الخط
العربي في الموصل عبر العصور)
على قاعة المكتبة المركزية لجامعة الموصل للفترة من (15-18) نيسان سنة 2002
م.
أخر لقاء جمعنا سوية ، كنت في
زيارة لي مع زميل لمديرية تربية محافظة نينوى قبل أن يقعده المرض بأيام ..تذكرته
وانأ اجتاز ممر الاستعلامات لاإراديا أخذتني قدماي لزيارته...كان قلقا....لم يكن
كسابق عهدي به , تحادثنا وسئلني عن موضوع يتعلق بمسيرة الخط في المدينة , كنا
كلانا نحمل تصوراً مختلفاً عنه , كان حديثه يحمل تلميحا في أحد مسا قطه...
أكملنا الحديث على عجالة وبدأ
متأثرا لصواب رأيه ودعته , ولم أكن لأتصور انه سيكون وداعي الأخير له..!
وانصرفت.............ومرت الأيام .
لجة الحياة ومعتركها اليومي
شغلاني وألهياني عن السؤال عنه وعن بعض الأحباب ، في احد الأيام وبعد زيارة زميل
في مكتبه أخبرني أن أبا أيمن في البيت !...أقعده المرض!!! اتفقنا على تحديد موعد
قريب لزيارته مع بعض الزملاء....كان الموعد الخميس القادم..ضحى ،لكن بلدا يقع تحت
نير الاحتلال لاتستطيع ضبط موعد فيه....الجسور مقطوعة ، سابقا لم يحدث أن قطع
السير أوالعبورعلى الجسورالا في الملمات...الفيضانات مثلا وزيادة منسوب المياه
اضطرارا، الآن ! قوات الاحتلال تقطع السير والعبور على الجسور متى شاءت ! وأنى
شاءت ! وكيف شاءت! وهذه هي سنة حياتها وشريعة غابها وديمقراطيتها المنشودة بل
الموعودة كما كانوا يزعمون...وهكذا ومنذ الصباح خابت الآمال في زيارة مريض جماعية ،
بعدها بأيام دهمنا الخبر كالصاعقة...
وعلى قول الشاعر:
(ويأتيك بالأخبار من لم
تزود)....الرحيل دون سابق موعد........رحل أبو أيمن دون نظرة وداع ..........
رحل وذكراه خالدة....محفورة ومنقوشة في
ذاكرتنا ، رحل وفي جعبته الكثير من مشاريع وبحوث وأماني وتصورات...وو... لم تتحقق
بل ولم تنفذ.. الأستاذ ذنون يونس ذنون (مدرس تأريخ متقاعد) زامل مترجمنا منذ زمن بعيد في
الموصل وفي الدراسة في كلية التربية ببغداد مطلع الستينات من القرن الماضي ، بل
وسكنا نفس الغرفة في الأقسام الداخلية حينها ، حدثني عنه مستذكرا سيرته العطرة
متأسفا على فراقه داعيا له يقول : كان
جديا حريصا متابعا واذا مابدأ بموضوع لايتركه حتى ينهيه ولو استغرق ذلك منه فترة
خاصة إذا ماعالج موضوع قراءة أو كتابة فانه يستمر معه حتى ولو أخذ منه ساعات
المساء حتى الصباح التالي بل حتى ............ولو استغرق منه أياما عدة ، ويضيف تعيينه الأول بعد إنهاء
دراسته الجامعية كان في اربيل العام الدراسي التالي (1966-1967) نقل إلى ثانوية
القوش مدرسا للغة العربية حيث كنت قد تعينت فيها قبله , وهكذا عادت الصحبة من جديد
، كان من هواة الرسم بل كان رساما ماهرا ، يوما ما رسم صورة السيدة العذراء ، وعند
زيارة قسس كنيسة القوش لسكننا ، أعجبوا كثيرا بها فما كان منه إلا أن اهداهم إياها
، ويزيد : إن أهم مايميز أبا أيمن انه
إنسان جدي لايكل ولا يمل من العمل وهود ؤوب في عمله ، ومن انجازاته الوظيفية
المتميزة والمهمة العمل والسعي الحثيث لإنشاء كلية التربية المفتوحة في الموصل والتي
تولى مسؤولية إدارتها لحين وفاته ، لم يكن
همه في هذه الحياة ماديا بل كان الإبداع ديدنه والإخلاص في العمل شعاره ومآله ، أوفد لمدة سنة دراسية واحدة لليبيا بعد
نيله شهادة الدكتوراه العام ( 1999) وقد ترقى وظيفيا ليصبح معاون مدير عام تربية
نينوى العام (2002 ) و رشح بعد الاحتلال ليصبح مديرا عاما
للتربية لكنه آثر أن يبقى معاونا للمدير العام ولحين وفاته العام (2004) م ،كان
مترجمنا ملتزما من الناحية الدينية يؤدي الفرائض المكتوبة والصلوات على أتم وجه ، أدى
فريضة الحج قبيل وفاته بعام واحد ، وعن حياته الاجتماعية نقول : بعد تعيينه بسنة تزوج وكان أن أعقب من
هذا الزواج السعيد ستة ثلاثة أولاد من البنين أكبرهم أيمن (معلم/تربية نينوى/1968)
وأوسطهم (معن/مهندس مدني / مديرية كهرباء نينوى/1975) وأصغرهم (يزن/قانوني بتربية نينوى/1981) وكان
من مناهضي التدخين ، شارك بندوة عقدت في الموصل تبحث في أضرار التدخين وكيفية
المساعدة للخلاص منه فقد كان احد أبنائه يدخن وحاول جهده ليساعده للتخلص من هذه
العادة الضارة المؤذية والقبيحة في نفس الوقت لكنه لم يفلح في ذلك وأفلح في إصدار
فتوى في الندوة بحرمة التدخين وهو انجاز عظيم طالما راود فكره.
في استذكاري لمسيرته الحياتية أجد أن :
الدكتور عبد العزيز عبد الله محمد الخفاف من مواليد
الموصل سنة(1941) م ، درس في مدارسها المختلفة ، حصل على البكالوريوس في اللغة
العربية من كلية التربية /جامعة بغداد العام (1964) م، حصل على شهادة الماجستير في
اللغة العربية عن رسالته الموسومة (تطور الاعجام إلى نهاية القرن الخامس الهجري)
بتقدير جيد جدا من كلية التربية /جامعة بغداد العام (1995)م ، وحصل على شهادة
الدكتوراه في اللغة العربية عن رسالته الموسومة(ظاهرة العدول بين البلاغة العربية
والأسلوبية الحديثة) بتقدير امتياز من كلية الآداب/جامعة الموصل العام (1999) م ، كما
نال شهادات تقديرية من جهات رسمية وثقافية متعددة لجهوده ولمكانته المتميزة في
إثراء إحدى صفحات الثقافة العربية وحسنا فعلت مديرية التربية حينما أطلقت اسمه على
أحد مدارسها الابتدائية والتي تأسست حديثا في منطقة المجموعة العام 2005 م.
مــــــؤلفاتـــــــه : له أكثر من مائة دراسة وبحث ومقالة بدأ بنشرها منذ العام (1965) م
واستمر فيها لحين وفاته ، في مجالات متعددة تبحث في الثقافة و أصول تقعيد قواعد اللغة العربية ، أما كتبه فله أكثر من
عشرة كتب مابين مطبوع ومخطوط نذكر منها ما طبع ووقع عليه نظري:
1.سلامة اللغة
العربية/المراحل التي مرت بها/مطبعة جامعة الموصل/1985
2.يوسف ذنون..مدرسة الإبداع في الخط العربي/دار الكتب..جامعة
الموصل/1986.
3.زكي
إبراهيم...حياته ..مؤلفاته ..ألحانه/الموصل/2002 .
4.الخطاط محمد
صالح...سيرته ..فنه/مركز دراسات الموصل/جامعة الموصل/2002 م.
5.تطور الاعجام إلى
نهاية القرن الخامس الهجري/مكتب مضر للطباعة /الموصل/2003 م.
6.طرائق التوصيل بين
المرسل والمتلقي في الأساليب العربية/الموصل/2004 م.
7.شواهد الأمثال في
كتاب سيبويه/الموصل/2004 م.
أما كتبه المخطوطة
ومنها ماهو تحت الطبع فهي:
1.الأدب بين التراث
والحداثة .
2.احمد الفخري
....حياته وديوانه.
3.الزخارف اللفظية
.
4.أعلام الخط العربي
في الموصل .
5.أهمية اللغة
العربية .
6.ظاهرة العدول بين
البلاغة العربية والأسلوبية الحديثة(أطروحته للدكتوراه) تحت الطبع.
الوظائف التي
شغلها:
1.مدرسا للغة العربية
منذ تخرجه العام 1964/1965وحتى العام 1981م.
2.مشرفا اختصاصيا
للغة العربية منذ العام (1981-2002 ) م.
3.شغل منصب معاون
مدير عام تربية نينوى منذ العام ( 2002 )
وحتى وفاته .
4 .مسؤولية إدارة
الكلية التربوية المفتوحة /لتربية محافظة نينوى منذ افتتاحها ولحين رحيله.
وكانت وفاته(يرحمه
الله)اثر مرض عضال لم يمهله طويلا بتأريخ ( 3/11/2004 ) م.
مرة ثانية... وفي
ذكرى رحيلك الثانية...أعترف لك ..أبا أيمن يامن رحلت عنا دون وداع....يامن قدمت
للموصل الكثير ولم تحظ منها إلا القليل...يامن وفيت للكثير..ولم يذكرك ولو بكلمة
إلا القليل..تأخرت في الكتابة عنك... عن ذكراك......كنت أريدها في الذكرى الأولى
لوداعك...لالرحيلك...لكن المشيئة..كانت أن تأخرت في الكتابة عنها..وعذري فيها أننا
تأخرنا لكننا لن ننسى ابدا.......فذكراك خالدة.